سلاح ذو حدين

بســـم الله الـرحـمـن الـرحـيــم



الحمد لله رب العالمين ، رب الأولين والآخرين ، رب السماوات والأرضيين عالم الغيب والشهادة سبحانه وتعالى عما يشركون.

هي فطرة أنعم الله تعالى بها علينا ، فجعلها سبيلاً من سبل الحب والود لكن أخذ الشيطان يدنسها عند البعض فتغير مسارها فأصبحت نقمة مدمرة فكانت وسيلة من وسائل الشيطان الرجيم ألا وهي "الغيرة"

فالغيرة: مصدر من قولك غار الرجل على أهله ، وهي الحمية و............ ( لسان العرب ج 5/3326ط)

قال عياض وغيره: هي مشتقة من تغير القلب وهيجان الغضب بسبب المشاركة فيما به الاختصاص وأشد ما يكون ذلك بين الزوجين. (فتح الباري ج9/320ط)

الغيرة: صفة حميدة فهي صفة من صفات الله سبحانه لقوله صلى الله عليه وسلم:

{ لا شئ أغير من الله} [size=12](رواه البخاري).

لذلك حرم الله الفواحش وأمر سبحانه عباده المؤمنين باجتنابها: { إن الله يغار وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله} [size=12](رواه البخاري) .

وهي أيضاً من صفات المؤمنين ، قال سعد بن عبادة : لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح فقال النبي صلى الله عليه وسلم: { أتعجبون من غيرة سعد ، لأنا أغير منه ، والله أغير مني } (روه البخاري) .

وعلى أساس الالتزام بالضوابط الشرعية فالغيرة تنقسم إلى قسمين:

1- الغيرة المحمودة : التي انضبطت بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . ومنها:

* الغيرة على محارم الله إذا انتهكت: قالت عائشة رضي الله عنها: { وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تنتهك حرمات الله فينتقم لله بها } (رواه البخاري) .

* الغيرة على العرض : قال صلى الله عليه وسلم { ثلاثة لا يدخلون الجنة :العاق لوالديه ، والديوث (وهو الذي لا يغار على عرضه ويرضى الفاحشة في أهله) ، والرّجلة } (حسن أخرجه البزار) .

* الغيرة على الوقت : قال ابن القيم: { الغيرة على وقت فات فإن الوقت أبيّ الجانب بطئ الرجوع فالوقت أعز شئ على العابد..} (تهذيب مدارج السالكين /ص529/)

2ـ الغيرة المذمومة : هي الحمية و........لحظوظ نفسية دنيئة فهي لم تلجم بلجام الشرع ولم تعقل برباط الإيمان لذا أوردت صاحبها إلى التهلكة.

ومنها:

* الغيرة المفرطة من الزوج على زوجته فتؤدي به إلى الظن بها من غير ريبة ، لهذا جاء الحديث: { إن من الغيرة مايحبه الله ومن الغيرة ما يبغض الله ، فأما الغيرة التي يحب الله فالغيرة في الريبة وأما الغيرة التي يبغض الله فالغيرة من غير ريبة } (حسن أخرجه أحمد وأبو داوود والنسائي)




ما أحسن الغيرة في حينها

وأقبح الغيرة في غير حين






* الغيرة المفرطة من الزوجة على زوجها حتى تدفعها إلى ارتكاب الذنوب واقترف المعاصي كالغيبة والنميمة والحسد والحقد ونحوها من الآثام والآفات كالسخرية والإحجام عن بذل الخير للآخرين والإضرار بالغير، ولهذا النوع من الغيرة أسباب عديدة وهي كثيرة في زماننا هذا فمنها :

* قلة الإيمان ونسيان الله عز وجل فهو سبب كل معصية والباعث لكل آفة.

* الشيطان : فالشيطان يجري في بني آدم مجرى الدم و يلقي في الصدور الوساوس عند الغفلة.

* مرض القلب : فالقلب الملئ بالحقد والحسد والرياء أرض خصبة للغيرة المذمومة .

* عدم إنصاف الرجل لزوجته وهضمه لحقوقها : قال صلى الله عليه وسلم: { من كان له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل } (صحيح أخرجه أبو داوود والنسائي وغيرهما) .

* الإحساس بالنقص: إحساس المرأة بأن ما عندها أقل أو دون ما عند الأخريات من النساء.

* ذكر الزوج لمحاسن امرأة عند زوجته.

إن الغيرة غير مستنكرة مادامت الغيرة فطرة قد جُبل الخلق عليها فلنحرص أخي المسلم أختي المسلمة على تهذيب هذه الفطرة ولتبقى سليمة صحيحة بعيدة عن كيد الشيطان الذي يفسد النفوس ولنغتنمها فيكون لنا بها أجر عظيم عند رب كريم.

فأسأل الله تعالى أن يرزقني وإياكم أجر هذه النعمة وأن يتجاوز عنا سيئاتنا.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم