--------------------------------------------------------------------------------
هذه القصة تستحق التمحيص فقد نزل فيها القرآن الكريم و اشتملت على عدة أحكام خالفت أحكام الجاهلية و ذكر فيها بعض المفسرين من المسلمين ما يشوهها و يخرجها عن حقيقتها كما ذكروا في قصة يوسف و زليخا و داود و امرأة أوريا.مثل أن رسول الله صلى الله عليه وآله جاء إلى منزل زوجها زيد و كان غائبا فرآها تغتسل فقال سبحان خالقك أو أن الهواء رفع الستر فرآها نائمة فوقعت في نفسه فقال شبه ذلك و أنه لما جاء زيد أخبرته فظن إنها وقعت في نفسه فأراد طلاقها ليتزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له أمسك عليك زوجك و نحو ذلك و استغل ذلك من يريد عيب الإسلام. و الحقيقة أن زينب كانت بنت عمة رسول الله صلى الله عليه وآله لأن أمها أميمة بنت عبد المطلب و قد كان صلى الله عليه وآله يعرفها طفلة و شابة و هي بمنزلة إحدى بناته و هذا يكذب أنه لما رآها وقعت في قلبه ثم هو الذي خطبها على زيد مولاه و ساق عنه المهر فلو كان لها هذا الجمال البارع و هذه لمكانة ]المكانة[ من قلبه لخطبها إلى أهلها بدلا من أن يخطبها على مولاه و لكان أهلها أسرع إلى إجابته من إجابتهم إلى تزويجها بمولاه و عتيقه و احتمال أنها وقعت في قلبه بعد ما تزوجت و لم تقع في قلبه و هي خلية سخيف كما ترى فإن دواعي الطبيعة قبل تزوجها أكثر و أشد و لكن زينب كانت تستطيل على زيد بقربها من رسول الله صلى الله عليه وآله و إنها ابنة عمته و إنها قرشية و هو مولى و العرب ترى التزوج بالموالي عارا و إنما زوجها رسول الله صلى الله عليه وآله بزيد كسرا لنخوة الجاهلية و رغما عن إبائها و إباء عمها عبد الله حتى نزل فيهما على بعض الروايات و ما كان لمؤمن أو مؤمنة إذا قضى الله و رسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم و من يعص الله و رسوله فقد ضل ضلالا مبينا فلم يجدا بدا من إطاعة أمر رسول الله صلى الله عليه وآله و كان تزويجها بزيد عن غير رغبة منها أحد أسباب نفورها منه.فاشتكى زيد إلى رسول الله صلى الله عليه وآله مرارا سوء خلقها معه و أراد طلاقها و الرسول صلى الله عليه وآله يقول له أمسك عليك زوجك.ثم لما طال به الأمر طلقها و كان رسول الله صلى الله عليه وآله قد تبناه فكان يقال له زيد بن محمد حتى نزلت ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فقيل زيد بن حارثة و كان أهل الجاهلية يجرون على المتبني أحكام الابن النسبي من الميراث و تحريم النكاح فأنزل الله تعالى: و ما جعل أدعياءكم ابناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم و الله يقول الحق و هو يهدي السبيل. فلما طلقها أراد رسول الله صلى الله عليه وآله أن يتزوجها ليمحو تلك العادة الجاهلية بالفعل كما محيت بالقول و بقي في نفسه بعض الإحجام لما عسى أن يقوله الناس في مخالفة هذه العادة المتأصلة في نفوسهم فيقولوا تزوج زوجة ابنه فخاطبه الله تعالى مقويا عزيمته بقوله: و تخفي في نفسك ما الله مبديه و تخشى الناس و الله أحق أن تخشاه فنفذ ما أمره الله تعالى به من إبطال أحكام الجاهلية و تزوجها فنزل قوله تعالى: فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكيلا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا و كان أمر الله مفعولا.